رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أحمد العرفج
أحمد العرفج

إزالة الذنوب بفلترة القلوب

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

النَّفسُ البَشريَّة مُعرَّضة للخَطَأ؛ واكتِسَاب الذّنُوب وتَحصيل المَعَاصِي، وقَد رَاعَى الله -عَزَّ وجَلَّ- ذَلِك، فجَاء في الحَديث النَّبويِّ؛ مَا يُؤكِّد أَصَالة الخَطَأ عِندَ الإنسَان فقَال: (لَو لَم تُذنبوا لذَهَبَ الله بِكُم، وجَاء بقَومٍ يُذنبون، فيَستغفرون الله فيَغفر لَهم)..! إنَّ المَعَاصِي قَد تَكون سَببًا في هِدَايةِ الإنسَان، ورجُوعه إلَى الحَقِّ، وكُتب التُّرَاث غَنيَّة بالقصَص والشَّواهِد؛ التي تُؤكِّد أنَّ آلَاف النَّاس عَادوا إلَى الله؛ بَعد أَنْ طَفَحَت بِهم المَعَاصِي، وخَنَقتهم الذّنُوب والكَبَائِر..! أكثَر مِن ذَلك، يَقول الصَّحَابي الجَليل «أبوالدردَاء»: (أَجمّوا -أَي رَوِّحوا- النّفُوس بشَيءٍ مِن البَاطِل، ليَكون عَونًا لَهَا عَلَى الحَقِّ). وهَذا يُؤكِّد أنَّ البَاطِل والخَطَأ؛ والذَّنب والمَعصية مُتوقَّعة مِن الإنسَان، وتَدخُل في إطَار طَبَائِع النَّفس البَشريَّة..! إنَّ المُذنب لَديه مَزَايَا، ومِن أَهَم مَزايَاه الانكسَار بَين يَدي الله، والبُعد عَن الصَّلف والجَلَافَة، وقَد انتَبَه إلَى هَذا المَعْنَى الإمَام الجَليل «يحيى بن مُعاذ»، حَيثُ قَال: (رجُوعك إلَى اللهِ مِن ذَنبٍ قَد عَملته؛ خَيرٌ لَك مِن رجُوعك إليهِ مِن بِرٍّ قَد أَتيته)..! هَذا مَا قَاله أَهل الفِقه، أمَّا أَهْل الشِّعر، فلَدينَا طَابور طَويل مِن الشُّعرَاء، مِن أَهمّهم الشَّاعِر المَاجِن «أبونوّاس»، الذي أَسْرَف عَلى نَفسه، حَتَّى دَخَل في إطَار الآيَة الكَريمَة القَائِلَة: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ). كَلّ هَذه الذّنُوب التي ارتَكبهَا «أبونوّاس»؛ جَعلَتهُ يَتوب ويَكتب قَصيدَة مِن عيون الشِّعر، يَقول فِيهَا: يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلاَّ مُحسِنٌ فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُجرِمُ أَدعوكَ رَبِّ كَما أَمَرتَ تَضَرُّعًا فَإِذا رَدَدتَ يَدي فَمَن ذا يَرحَمُ ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلاَّ الرَجا وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أَنْ أَتذكَّر ذنُوبي -ومَا أكثَرها!- وأَبْكِي مَثْنَى، وثُلاث، ورُبَاع، مُردِّدًا بَيت الشَّاعِر «أحمد شوقي» في قَصيدته «نَهج البُردة» الذي يَقول: وإِنْ تَقَدَّمَ ذو تَقوى بِصالِحَةٍ قَدَّمتُ بَينَ يَدَيهِ عَبرَةَ النَّدَمِ
تويتر: Arfaj1 [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (20) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain نقلا عن المدينة

arrow up